(إن العربية لغة أهل الجنة)
النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ليس كل من تكلم لغة العرب يعرف قوانينها ولذا فقد اختصت الفصاحة بعارفي قوانين اللغة العربية في حين تنطق المجتمعات العربية بلغة وسطى هي ما بين العربية الفصحى وأحد لهجاتها العديدة ويعتبر هذا التمازج بين أن يتكلم أجنبي ما لغته الأجنبية المعينة ويطمح لتعلم اللغة العربية فإن عليه تعلم الشطر الفصيح منها لأن العربية الفصيحة هي اللغة ذات المدى المشترك بين كل الناطقين بلغة الضاد إذ عند النطق بنموذجها الفصيح فإن كل اللغات العربية الوسطى إذا جاز اعتبارها لغات وليس لغة وعلى احتساب أن أي مزيج لغوي بين العربية الفصحى وإحدى لهجاتها تشكَّل لغة وسطى تختلف في مثالها إذا اختلفت اللهجة العربية المنطوقة مع اللغة العربية المنطوقة ومثال ذلك أن نطق أهالي الموصل بالعراق المتعلمين اللغة العربية دراسياً ينطقونها مطعمة بأصوات ومفردات لهجة أهل مدينة الموصل في حين أن أهالي مدينة الإسكندرية بمصر المتعلمين أيضاً عربيتهم الدراسية ينطقونها مع لهجة أهل الإسكندرية سوية بنموذج آخر نظراً لاختلاف المفردات وطريقة نطق اللغة العربية الوسطى لديهم.
ومن هنا وإنقاذاً لهذا التشابك بالنسبة لتعلم العربية من قبل الأجانب فإن الحال يقتضي تعلمهم للغة العربية الفصحى البحتة حتى يكونوا في مستوى مقبول من كل الناطقين بلغة العرب ويُفهم نطقهم لها بصورة أدق.
وتكتنف إجادة العربية بالنسبة للأجانب المسلمين أهمية أضخم من غيرهم لتعلمها وهذا ما يقتضي خلق فرص التعلّم للعربية باعتبارها لغة كتابهم المقدس (القرآن الكريم) ولكن وفقاً لأحدث التقنيات المتبعة في تعلم اللغات الأجنبية.
من البديهي جداً أن الأجانب الوافدين إلى البلاد العربية سيتعلمون اللغة العربية أيسر مما يتعلمها في كليات معاهد أجنبية نظراً لأن أغلب أساتذة تعليم اللغة العربية لدى الدول الأجنبية هم من الأجانب أيضاً والمؤكد الذي لا جدال فيه أن تعليم أي لغة من أهلها.. أفضل من أن يتعلمها من غيرهم وطبيعي فهذا الرأي لا يلغي حالة الاستثناء لهذه القاعدة العامة.
ومن ناحية آليات تعليم العربية لأول مرة للأجانب أن تراعى مسائل كثيرة تأخذ بالاعتبار الأول ضرورة التدرج العلمي لمعرفة اللغة العربية نطقاً وكتابةً وقواعداً ولعل من أولويات ذلك عرض أشكال الحروف ثم الحركات ثم العلامات العربية التي تدخل بطبيعة الحال لتدوين النطق العربي ومعلوم أن قصة تهجي الحروف لأي لغة تتطلبها الانطلاقة العلمية لتعلم أفضل وبأيسر الطرق.
إن هندسة الحروف العربية وأشكالها البديعة المتناسقة من حيث المدّ أو التقوّس أو الارتفاع أو الاستدارة وإبراز دور (النقاط) فوق أو تحت كل حرف مختص بضمه لنقطة واحدة أو أكثر هي مسألة يقضي الحال تفريقها بين كل حرف فالنظر مثلاً إلى الحروف ذات الشكل الواحد (ج) أو (خ) أو (ح) لا يميز بعضها عن بعض إلا وضع النقطة المرسومة بداخله كما في حرف الجيم أو علو النقطة عليه كما في حرف الخاء أو إهمال النقطة على ذات أحد الحرفين وعندها يسمى بـ(حاء) وهكذا..
مما لا شك فيه أن ميكانيكية معرفة القراءة والكتابة العربيين تأتي بعد مران دراسي طويل يفضل أن تتم في حدود أرجاء الصف الدراسي أولاً من خلال الانتباه الشديد ويأتي البيت في الدرجة الثانية للمذاكرة المتواصلة أو أي مكان آخر مناسب من أجل ترسيخ أفضل للمعلومة اللغوية في الذهن.
وإذ تبقى الممارسة اللغوية سماعاً وقراءةً وكتابةً ومحادثةً هي أساسيان ممكن أن يشهدها النشاط الصفي فإن الاستعانة بوسائل التكنولوجيا لتعلم لغة أجنبية لا ينبغي إغفالها ومن ذاك مثلاً الاستعانة بكابينات اللغة التي فيها ميكرفون للتكلم بين مستقبل للكلام ومصدّر له حيث يتم الإشراف على سماع ألفاظ الطلبة أستاذ تعليم اللغة بواسطة جهاز مركزي يستطيع منه سماع ألفاظ أي طالب يختاره ويصحح له بعضها عند مقتضيات الحال عبر السماعة الخاصة بالطالب الذي يضعها عادة على أذنيه عند دخوله كابينة اللغة التي لا تتعدى مساحتها أكثر من إشغال كرسي مع طاولة يفصلها عن كابينة أخرى حاجز زجاجي.
والسبورة ضرورية في تعلم كيفية تصريف الكلمة وبعض الأساتذة مثلاً يقسمّون السبورة إلى ثلاثة أقسام واحد منها لصيغة الماضي والآخر للمضارع والأخير للمستقبل كما في صيغة: (قرأ، يقرأ، سيقرأ) الخ..
وطبيعي أيضاً فإن دراسة محاور أخرى غير اللغة الأجنبية المراد تعلمها كمحور التاريخ والجغرافيا والتربية.. كلها عوامل تساعد على إغناء المتعلمين بمفردات حديثة ومعرفة كيفية استعمالها اللغوي الصحيح. وبذاك يرتفع مستوى أداءات تعليم اللغة العربية (مثالاً) التي تعتبر لغة أجنبية بالنسبة للأجانب بطبيعة الحال.